القصر الجمهوري في دمشق ليس بأفضل حال بعدما باتت روائح الارتباك والتخبط تفوح منه، وبدأ العارفون الساكتون يبيحون بالأسرار التي طالما بقيت من المحرمات التي لا يجوز تناولها كونها تمس مكانة الرئيس وأسرته ومقربيه، ولعل ابرز هذه المعلومات الطريقة التي يدار فيها الحكم في سوريا منذ أكثر من أربعة عقود، ومدى الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة.
واللافت هنا أن بعض المسؤولين المنشقين يؤكدون أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس هو صاحب الأمر الناهي، بل أنه يصاب بالذعر والخوف لمجرد سماع أسم والدته أنيسة مخلوف التي تتمتع بنفوذ كبير في إدارة السلطة، ووالدة بشار التي تبلغ من العمر نحو 78 عاماً يعتبرها البعض الحاكم الفعلي لسوريا، وبحسب المعلومات فأنها ليست راضية عن طريقة معالجة الأزمة في سوريا، وتدفع في اتجاه حسم الأمور بسرعة على طريقة زوجها حافظ، وهي تعتقد أن بشار ضعيف، وقد تردد بقوة حين توفي الرئيس السابق أن زوجته كانت تفضل صعود ابنها ماهر للحكم بدلاً من بشار.
وبحسب تقديرات فان أنيسة تريد من بشار انتهاج أسلوب والده في سحق الثورة التي اندلعت في منتصف مارس/ آذار 2011. لكن مراقبين يرون أن نموذج الحسم السريع لم يعد فاعلاً في ظل التطور التكنولوجي وانتشار الفضائيات وكاميرات الهواتف الذكية والإعلام الإلكتروني، فما يقع في حمص مثلاً يصل إلى العالم خلال دقائق معدودة، فزمن المجتمعات المغلقة انتهى، ويمكن للقمع أن ينجح لفترة محدودة، لكن طريقه مغلق.
وتتداول معلومات على نطاق واسع في وسائل الإعلام أن أنيسة مخلوف التي تزوجت حافظ الأسد رغم معارضة والدها، تشارك في اجتماعات العائلة هذه الأيام بصفتها الخبيرة العاملة في دهاليز السلطة وحيلها، وتدرك جيداً من أين تُؤكل الكتف، بل أن بعض الكتاب يعتقدون أن هذه السيدة كان لها الفضل الأكبر في صعود زوجها الماكر لسدة الحكم في سوريا عام 1971.
ويؤكد مقربون من آل الأسد أن كبار العائلة يجتمعون بشكل دوري في بيت أنيسة مخلوف ويستعرضون التطورات، ويطرحون أسئلة على غرار، كم متظاهر خرج هذا الأسبوع؟ وكم قتيل سقط؟ وما هي الخطوة التي يتوجب علينا القيام بها للقضاء على الثورة؟
وتتمتع عائلة مخلوف في سوريا بثراء فاحش بعد أن بنت إمبراطورية اقتصادية، وتشير وثائق سربها موقع ويكيليكس نهاية العام المنصرم أن رامي، ابن خال الرئيس بشار الأسد يمثل عنوان الفساد في الشام، بينما يعتبر والده محمد وهو شقيق أنيسة مخلوف العقل المدبر لعمليات غسل الأموال والسيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري.
وتكشف شهادات جديدة أن بشار لا يخشى فقط والدته وإنما أيضا لخالته فاطمة مخلوف نفوذ طاغ، وبإمكانها الإفراج عن أي شخص لو كان مجرماً مقابل أموال ورشاوى تتلقاها. ويشير الشيخ أنس سويد (أبو حمزة) أبرز شيوخ باب السباع بمدينة حمص، الذي التقى بشار خلال الأزمة ثلاث مرات أن الأخير لا حول له ولا قوة.
وبقي من المهم الإشارة إلى أن أسماء، زوجة بشار الأسد، حاولت وفقاً للعديد من التقارير ثني الرئيس عن المضي في قمع المتظاهرين، لكنها وبخت من قبل (حماتها) علماً أن العلاقة بين السيدتين ليست على ما يرام منذ سنوات، حيث عارضت أنيسة ظهور أسماء على وسائل الإعلام بكثرة، خشية سرقة الأضواء منها، فهي تريد أن تبقى سيدة سوريا الأولى.
