قبل سنوات قليلة فقط، كانت صورة الجيوش العربية في أذهان الجماهير ناصعة البياض، بصفتها حارس الوطن الأمين والدرع الوا الذي يعمل على درء الأخطار الخارجية ويحافظ على الأمن والاستقرار، لكن هذه الصورة تتهمش وتتآكل تدريجياً في معظم البلدان التي عصفت فيها رياح التغيير.
ففي سوريا تحول الجيش إلى آلة قتل وإبادة جماعية بحق المتظاهرين المنادين في الحرية، أما في مصر فرغم أن القوات المسلحة نجحت في المحافظة على الحياد خلال ثورة 25 يناير وكسبت ود الشعب إلى حد ما، إلا أنها عادت بقوة لإسقاط عرش الإخوان المسلمين. وهو فعل ادى إلى اسعاد البعض داخليا واقليميا وربما عالميا، لكنه في الوقت ذاته جعل الجيش يغرق في دماء المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية وغيرها من المواقع والمياديين.
أما في ليبيا فلم يكن هناك أي جيش حقيقي يمكن الاعتماد عليه، بل أن العقيد معمر القذافي عمل على إضعافه واستبدله بمليشيات مسلحة، وفي تونس وحدها ما زال الجيش يحافظ على صورته دون أن تلحقها الأضرار بعد أن وقف إلى جانب الثورة ضد زين العابدين بن علي.
ومع ترشح عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر نزولاً عند رغبة الجماهير كما قال في اكثر من مناسبة، دحضته الدلائل لاحقا والتي ابرزها تدني نسبة المشاركة في التصويت.
يمكن القول إن عدم إقبال المصريين إلى عدم ترشيح السيسي يرجع إلى ذهنية إن الشعب المصري جرب الجيش خلال حكم ثلاث عقود في حقبة مبارك. كما أن المجلس العسكري متصل تماماً في السياسة المصرية منذ ثورة عام 1952، فجميع الرؤساء الذين حكموا مصر منذ ذلك التوقيت قدموا جميعاً من المؤسسة العسكرية، ولذلك يرى البعض أن الجيش يحاول الان الاستيلاء على ثمار ثورة 25 يناير مستغلاً شماعة "الاخوان المسلمين".
